الثقافةصفحات من تاريخ مصر

** حدائق الشلالات **

احجز مساحتك الاعلانية

بقلم المهندس/ طارق بدراوى

حدائق الشلالات أحد الحدائق الشهيرة والكبيرة التي تقع في مدينة الإسكندرية في مصر بالحي اللاتيني أرقي أحياء الأسكندرية قرب منطقة باب شرق وتشغل مساحة 8 أفدنة تقريبا وتتميز بالمدرجات المختلفة الإرتفاعات كما تضم بحيرات صناعية وشلالات مائية صناعية كما أنها تشمل بقايا أبراج وسور الإسكندرية القديم وبها أيضا صهريج تحت الأرض يعتبر هو الصهريج الوحيد الذي مايزال يحتفظ بحالته المعمارية دون أن يطرأ عليه أي تغيير وتبلغ مساحته نحو 200 مترمربع ويضم ثلاثة طوابق تحت الأرض وبه مجموعة نادرة من الأعمدة والتيجان المتنوعة وكانت الإسكندرية تعتمد في تغذيتها بالمياه العذبة على تخزين المياه في مثل هذه الصهاريج التي كانت تبني تحت الأرض وفي واقع الأمر فإن التاريخ يقول إن حدائق الشلالات من أهم المعالم الحضارية والتاريخية بمدينة الاسكندرية‏‏ فقد أنشئت منذ نحو مائة عام وكانت مساحتها حينذاك حوالي‏ 40 فدانا منها 22 فدانا في الشلالات البحرية و‏18 فدانا في الشلالات القبلية وبها الأبراج الأثرية لسور الإسكندرية وهو من معالم العمارة الحربية النادرة‏‏ وقد صممت هذه الحدائق طبقا لفكر مخطط الحدائق الأميريكي الشهير فريدريك لو أولمستد الذي تبني أسلوب تحويل المواقع المستوية إلي مواقع حافلة بالتضاريس الطبيعية من بحيرات وهضاب وقنوات‏ وإستغلال القيمة الجمالية للمياة الساكنة والمتحركة حيث تشتمل الحدائق علي شلال رئيسي من ثلاث اجنحة من المياه إلي قناة مكشوفة تصل إلي ثلاثة بحيرات متتالية أهمها البحيرة الرئيسية التي تقع أمام الكازينو حاليا‏‏ وبها كشك البجع الشهير كما أن الحديقة زاخرة بمجموعة من الأشجار العتيقة والنباتات النادرة وقد أعلن منذ فترة قريبة عن تحويل الحديقة إلي مركز ثقافي ولذلك قسمت الحديقة الي 5 مناطق تحمل أسماء عدد من أعلام الفن والثقافة بالإسكندرية هم سيد درويش وبيرم التونسى ويوسف عز الدين عيسى وأحمد عثمان وسيف وانلى .

وعلي الرغم من أن سور الإسكندرية القديم وأبراجه قد مر علي تشييدهم آلاف السنين فما يزالا صامدين في وجه التاريخ ليشهد على عمر المدينة الساحلية التي لقبت بعروس البحر الأبيض المتوسط حيث ما زالت هناك أجزاء من جدران السور صمدت أمام حروب الطبيعة ولم تستطع عوامل التعرية والترسيب ان تمحيها يشاهدها المارة في وسط الإسكندرية وبين الأشجار العتيقة بحدائق الشلالات وكثيرا ما يمر أهالي الثغر بجوار هذه الجدران ولكنهم قد لا يعرفون أنهم يمرون بالقرب من جزء هام من تاريخ مدينتهم وأن هذه الأحجار كانت تصد غزوات الأعداء منذ إنشاء الإسكندرية ويعتبر هذا السور أحد أهم المعالم الأثرية لهذه المدينة التي أنشأها الإسكندر الأكبر عام 332 ق.م وأحاطها بسور ضخم ذو أبراج وحصون وأبواب للدفاع عنها وأتم هذا السور خلفاؤه من البطالمة ومن بعدهم زاد الرومان في تحصينه وبعد فتح عمرو بن العاص مصر في عام 21 هجرية الموافق عام 642م وبعد محاولة إحتلال الإمبراطورية الشرقية للإسكندرية عام 645 م في بداية فترة خلافة عثمان بن عفان تم هدم جزء من أسوارها حتى لا تحتاج المدينة بعد ذلك إلي حصار طويل وقد تم ترميم هذا السور في عصور الدولة الطولونية ثم في العصر الفاطمي ثم في العصر الأيوبي ثم في بداية عصر المماليك حتى زمن السلطان الظاهر بيبرس إلى أن إندثرت أجزاء كبيرة في عهد محمد علي باشا نتيجة للتوسعات التي تمت في عهده بمدينة الإسكندرية .

وفي الوقت الحالي بعد دراسة نتائج الفحوص والتحليل لعينات من بقايا جدران السور وجد نخور وتفتت وتقشر وشروخ كبيرة ودقيقة بجميع قطع الأحجار المكونة للسور والمونة الرابطة للأحجار ولذلك فإن المتبقي من السور والبرج الغربي المتواجد به في حالة تهالك شبه تام ويحتاج للتدخل السريع كما أن البيئة الساحلية والمجموع الخضري المحيط بالأثر والبحيرة الصناعية الموجودة بحديقة الشلالات والأمطار الغزيرة التي تسقط علي مدينة الإسكندرية في فصل الشتاء تمثل أشد عوامل الفتك والتلف التي تتجمع وتقع مؤثرة علي أثر واحد مما يجعله قابل للتصدع والتساقط خاصة إذا تأثر بزيادة الإهتزازات الواقعة عليه أو تحدث أحد الزلازل التي يكون لها تأثير ضار جدا عليه وعلي ذلك فإنه يلزم حقن الشقوق والفجوات وكذلك رش جميع أسطح الكتل الحجرية بمواد تقوية تتناسب مع وجود الرطوبة ورذاذ الماء وضرورة إعادة النظر في تخطيط المنطقة المحيطة بالأثر بالكامل خاصة البحيرة الصناعية الملاصقة له وعزلها بشكل علمي سليم وتغيير أماكن النوافير ونقلها بعيدا عن الأثر لما تحدثه من تطاير لرذاذ المياه وتشبع الهواء بالماء إلى جانب ضرورة الحد من تسرب مياه الري للرقعة الخضراء مع إبعاد المحيط الخضري عن الأثر بمسافة لا تقل عن خمسة أمتار من جميع الجوانب مع الإسراع في تنفيذ شبكة أنابيب أعلي الأثر لتصريف مياه الأمطار من علي السطح العلوي له حتي لاتتراكم وتتجمع فوقه المياه وكذلك تخفيض منسوب المياه الجوفية أسفل الأثر وجعل المنطقة الأثرية منطقة عرض للصوت والضوء .

Related Articles

Back to top button